سورة القمر - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القمر)


        


{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)}
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنّى} أي بأني.
وقرأ ابن أبي اسحق. وعيسى. والأعمش. وزيد بن علي ورويت عن عاصم {إِنّى} بكسر الهمزة على إضمار القول عند البصريين، وعلى إجراء الدعاء مجرى القول عند الكوفيين {مَغْلُوبٌ} من جهة قومي مالي قدرة على الانتقام منهم {فانتصر} فانتقم لي منهم، وقيل: فانتصر لنفسك إذ كذبوا رسولك، وقيل: المراد غلوب غلبتني نفسي حتى دعوت عليهم بالهلاك وهو خلاف الظاهر وما دعا عليه السلام عليهم إلا بعد اليأس من إيمانهم، والتأكيد لمزيد الاعتناء بأمر الترحم المقصود من الأخبار.


{فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ اءٍ مُنْهَمِرٍ (11)}
{فَفَتَحْنَا أبواب السماء اء مُّنْهَمِرٍ} أي منصب، وقيل: كثير قال الشاعر:
أعيناي جودًا بالدموع الهوامر *** على خير باد من معد وحاضر
والباء للآلة مثلها في فتحت الباب بالمفتاح، وجوز أن تكون للملابسة والأول أبلغ، وفي الكلام استعارة تمثيلية بتشبيه تدفق المطر من السحاب بانصباب أنهاء انفتحت بها أبواب السماء وانشق أديم الخضراء. وهو الذي ذهب إليه الجمهور، وذهب قوم إلى أنه على حقيقته وهو ظاهر كلام ابن عباس.
أخرج ابن المنذر. وابن أبي حاتم عنه أنه قال: لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده إلا من السحاب، وفتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم فالتفى الماآن، وفي رواية لم تقلع أربعين يوما، وعن النقاش أنه أريد بالأبواب المجرة وهي شرج السماء كشرح العيبة، والمعروف من الأرصاد أن المجرة كواكب صغار متقاربة جدًا، والله تعالى أعلم.
ومن العجيب أنهم كانوا يطلبون المطر سنين فأهلكهم الله تعالى طلوبهم، وقرأ ابن عامر. وأبو جعفر. والأعرج. ويعقوب {فَفَتَحْنَا} بالتشديد لكثرة الأبواب، والظاهر أن جمع القلة هنا للكثرة.


{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)}
{وَفَجَّرْنَا الارض عُيُونًا} وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة وأصله فجرنا عيون الأرض فغير إلى التمييز للمبالغة بجعل الأرض كلها متفجرة مع الابهام والتفسير، فالتمييز محول عن المفعول، وجعله بعضهم محولا عن الفاعل بناءًا على أنه الأكثر، والأصل انفجرت عيون الأرض وتحويله كما يكون عن فاعل الفعل المذكور يكون عن فاعل فعل آخر يلاقيه في الاشتقاق وهذا منه وهو تكلف لا حاجة إليه، ومنع بعضهم مجيء التمييز من المفعول فأعرب {عُيُونًا} حالا مقدرة، وجوز عليه أن يكون مفعولًا ثانيًا لفجرنا على تضمينه ما يتعدى إليه أي صيرنا بالتفجير الأرض عيونًا وكان ذلك على ما في بعض الروايات أربعين يومًا، وقرأ عبد الله. وأصحابه. وأبو حيوة. والمفضل عن عاصم {فجرنا} بالتخفيف {عُيُونًا فَالْتَقَى الماء} أي ماء السماء وماء الأرض، والإفراد لتحقيق أن التفاء الماءين لم يكن بطريق المجاورة بل بطريق الاختلاط والاتحاد، وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. والحسن. ومحمد بن كعب. والجحدري الماآن والتثنية لقصد بيان اختلاف النوعين وإلا فالماء شامل لماء السماء وماء الأرض، ونحوه قوله:
لنا إبلان فيهما ما علمتم *** فعن أيها ما شئتم فتنكبوا
وقيل: فيها إشارة إلى أن ماء الأرض فار بقوة وارتفع حتى لاقى ماء السماء وفي ذلك مبالغة لا تفهم من الأفراد، وقرأ الحسن أيضًا ما وان بقلب الهمزة واوًا كقولهم: علبا وان كما قال الزمخشري، ولم يرد أنه نظيره بل أراد كما أن هنالك إبدالًا بعلة أنها غير أصلية لأنها زائدة للالحاق كذلك هاهنا لانها مبدلة والبدل وإن كان من الهاء لكنه أجريت مجرى البدل عن الواو فقيل في النسبة فيه: ماوى، وجاء في جمعه أمواء كما جاء أمواه، ولا يبعد أن يكون من ثناه بالواو قاسه على النسبة كذا في الكشف، وعنه أيضًا المايان بقلب الهمزة ياءًا.
{على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} أي كائنًا على حال قد قدرها الله تعالى في الازل من غير تفاوت أو على حال قدرت وسويت وهي أن ما نزل على قدر ما خرج.
وقيل: إن ماء الأرض علا سبعة عشر ذراعًا ونزل ماء السماء مكملًا أربعين، وقيل: ماء الأرض كان أكثر وله مقدار معين عند الله عز وجل، أو على أمر قدره الله تعالى وكبته في اللوح المحفوظ وهو هلاك قوم نوح بالطوفان، ورجحه أبو حيان بأن كل قصة ذكرت بعد ذكر الله تعالى فيها هلاك المكذبين فيكون هذا كناية عن هلاك هؤلاء، و{على} عليه للتعليل، ويحتمل تعلقها بالتقى. وفيه ردّ على أهل الأحكام النجومية حيث زعموا أن الطوفان لاجتماع الكواكب السبعة ما عدا الزهرة في برج مائي، وقرأ أبو حيوة. وابن مقسم {قُدِرَ} بتشديد الدال.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8